الأحد، 28 أكتوبر 2012

وَهُزّي إليكِ بِجِذع النّخْلّة ..


وَهُزّي إليكِ بِجِذع النّخْلّة ..


أما قولي هنا فأبدؤه بالتنويه إلى أني للتو أغلقت لعبة " Gta 4 " وهي لعبة الواقع الافتراضي, كثيراً ما لعبتها منذ سنوات ولم أكن أحب فيها إلا العمل كسائق تاكسي أو سائق إسعاف, والأولى لأنها مرتبطة بالواقع الغزي القريب, أما الثانية فهي أمنية لم تتحقق بعد وأظنها قريبة " أن تركب إسعافاً في أوج السرعة لإنقاذ شخص ما, وأهم ما في الأمر أن تسير بالطريق المخالف دون مخالفة قانونية بروح المغامرة الشرعية ". فكرة اللعبة قائمة على المهام الإجرامية من قتل واغتيال وسرقة, والمالُ فيها زينة الحياة, إما أن تكون قنوعا فترضى بالتاكسي أو تكون مجرماً يسرق ويقتل ويعتدي فيصيرُ ذا عزٍّ وجاه وتلاحقك الشرطة !

وأنا إذ قدمتُ قولي هنا عن هذه اللعبة, فذاك لأني " ألعبها " قريباً في الواقع بعد تخرجي من الجامعة في مدينة يملؤها اليأس ويتلاشى شبابُها أمام الواقع المرير سياسياً واقتصادياً ومعنوياً, ولها من كلِّ حسرة ومأساة نصيب, ليس منها شيءٌ سوى التهليل يوماً ويلوه تغريد, مدينتي تعرف جيداً كيف ترقص وتلهو ! ؛ لكنها بعدُ لم تتعلم كيف تعمل .. وأنا لا زلتُ غيرَ مؤمنٍ ببلدي, ولا مقتنعاً بها إلا فرضاً, ما أنا ملتزمٌ به لولا إيماني بالله, وأنا إذ كنتُ موجوداً هنا فتلك مشيئته التي أحمده عليها, راضياً عنه آملاً برضاه عني؛ وأزيد أني إلى الآن لا زلتُ أسبح في فلك اختياراته . أو اختياراتي ! في الواقع أعجز عن تحديد ذلك غالباً, وأقول الحمد لله .

ما وددتُ قولَه هنا أني الآن على مفترق هام جداً, تراودني أفكارٌ كثيرة وضيقُ الوقتِ يكاد يخنقني, وسعة التفكير محدودة , ومعارفي نادرة " الاجتماعية خاصة ", والنفس تقيدني بالاعتماد التام والكامل عليها لا أقول في كلِّ شيء فحسب! بل في أبسط الأشياء حتى " غير إعداد الطعام ", لا أعلم لماذا خصَّني الله بهذه الملكة؟ " والتبرير عندي ", هذه العقدة التي تمنعني حتى من طلب المعونة من أقرب الناس إليّ, ربما لأني أساوي بين الجميع ولا أقيم أي علاقة على أساس القربى التي ما اخترتها أو على أساس الحيز السكني وما شابه ! فلا أحدٌ ملزمٌ بي مطلقاً والله وعدني بقوله " أقربُ إليه من حبل الوريد " إنه الوحيد الذي يرقبني وأنا الطفل بين يديه يرسمُ له مستقبلاً وطريق, وبعلمه يؤكد لي " وفي السماء رزقكم وما توعدون" إنه يعرفني أكثر مني, لذلك أتوكل عليه وأحاول أن أعمل بقوله " أولئك مبرؤون مما يقولون لهم مغفرة ورزقٌ كريم ", في كلِّ آياته التي بها أؤمن أراه معي رغم تقصيري بحقه وتكاسلي عن بعض أمره.

هذا التقصير الفطري يجعلني متأخراً دائماً عن كلِّ شيء حتى الفَهم ذاته, يبدو أني لم أفهم بعدُ آيات الله في خلقه ! للتو وقد نفدَ الزيتُ من " مولد الكهرباء" خرجت للشارع, فالتقيتُ أحدَ المدمنين خارجاً من " المصحة " في إجازة العيد, وتعرفتُ منه على تجربة الإدمان, وقد بلغ من العمر الرابعة والعشرين دون عمل أو بيت أو ملهى بالخير ! إنه ببساطة " لا شيء " غير صورة إنسان يكسو الشرُّ جسدَه وفي ذاته نفسٌ نقية طاهرة وأزمة مجتمعية تحيطُ به وواقعٌ يدعوه إلى التغيير من نفسه ومحاولات في مجتمع فاسد* ! ( مقارنة بالمجتمع النقي, لا بالمجتمعات العالمية )  

وأسألُ الآن نفسي وأنا على حافة الثالثة والعشرين " سبب التدوينة هذه " ماذا لو كنتُ مكانه ؟! ولي أقرباء وأصدقاء وجيران يأسرهم الإدمان وتقيدهم الخطيئة وتحاصرهم نظراتُ الناس !.. لا.. لا.. كيف أسأل وأنا ذا خريج جامعي ولدي دراية في صيانة الحاسوب " تعلمتها من أخي " وأسعى لتعلم كلِّ شيء كلِّ شيء وأعمل !. أسخرُ من نفسي الآن وأقول كأني أنا صاحبُ هذا ؟ أو أني الذي أتيتُ به ؟ إنه فحسب فضلٌ من الله منَّ بهِ عليْ, لا يحق لي مطلقاً أنا أنسبه لنفسي وهو العدم نسبة إلى آخرين ! إذن ما الفرق ؟!

بالعودة إلى مضمون اللعبة, أقصد الواقع, دائماً ما يرنو الإنسانُ للأفضل من تحسين واقع المعيشة وتحقيق أحلام وطموحات, بالطبع إذا أفلح بتحقيق متطلبات حياته الأساسية هنا, ولأجل هذا بدأتُ الكتابة, فأنا الآن أمام مفترق سبق أن ذكرتُ أهميته التي لا ينكرها أحد, أنتَ الآن بحاجة إلى رزق كريم, تحقق به أبسط حقوقك ! عمل, بيت, حياة كريمة,  وإذ كنتُ ألقي بهذه الأساسيات إلى الهامش, وأميلُ إلى سرِّ وجودي على هذه الأرض, فهناك شيءٌ لا بدَّ وأخذه بعين الاعتبار " العمر والقدر " كلاهما لا يتعد الحروف الثلاث " فعل" مع اختلاف الحركات وبنفس الوزن والثقل الحياتي, ليس في الوقت متسع ولا أنا بالغيب عالم, لكني أتميز " بالإصرار" أعتقد أني ورثتها أباً عن جد, مثلَ هذه " الصلعة " التي بدأت ملامحها تظهر في شعري, والخيميائي زادتني قناعة, إما أن يكون أو لا أكون !

بعد تخرجي هذا العام زاد تحرجي من نفسي, إلى الآن لم أسعَ للبحث عن وظيفة أو لا أعرف البحث, ومردُّ ذلك أني لا زلتُ متمسكاً بفكرتي أنه من الممكن صناعة طموح كبير من بضع ورقات مالية وأفكار ! وما يخفف النار التي تحيط بي, واقع مؤسساتنا المكلوم, إما أن تكون ابناً لتنظيم ؟ أو أن تحرث عليكَ إحدى المؤسسات الخاصة ثلاث سنين مقابل شهرين بطالة ؟ أو أن تنتظر مكتب العمل ووكالة العوث لست شهور بطالة أيضاً ؟ هذا حالُ بلادي أو أن تعمل مساعداً لأبيك العاطل عن العمل؟ والدراج هنا " سائق فرشة " وما أنا عليه أفضل والحمد لله .. هذا الواقع وهذه التبريرات يخلقها المجتمع " شبابه ", بالمطلق لا أؤمن بها ولا أفكر أبداً لأنها واقع لايحتاج للإيمان بقدر ما يحتاج المحاولة والعمل الجاد .  

يقترح عليَّ أحدُ إخوتي بإكمال دبلوم تربية, لأكونَ مُدرساً ! ويغريني بالراتب الذي يتقاضاه العاملون في قطاع التعليم واستيعاب هذا القطاع للكثير من خريجي الجامعات !؛ أعلم إنَّ قلبه علي ويبحث عن مصلحتي, إنها فكرة ! لكنَّها قبيحة تتحكم فيها الحاجة للمال وإنكار للذات والابتعاد عن واقع الرغبة والإرادة, لا أنكر أني إلى الآن لم أحدد شيئاً مصيرياً ولم أتخذ قراراً حاسما في معظم أموري, إلا أني أتساءل لماذا فسد حالُ التعليم في بلادنا ؟ هل ينظر المعلم إلى تلاميذه كصفقة ؟ أو مشروع استثمار ؟ إذن لماذا تنتشر مراكز التعليم الخاصة بضعفي عدد المدارس وربما أكثر ؟!.
 المالُ والبنون زينة الحياة الدنيا ؟ إذن لماذا تكون الغالبية العظمى من أهل الأرض فقراء ؟ ورقابهم معلقة بالصدقات؟ ببساطة إنهم لا يفكرون ولا يتوكلون. ولماذا يتسم الأغنياء بالأنانية والتكبر والطغيان ؟ ذاك لأنهم فقراء أيضاً .. كلُّنا إلى الله فقراء .. وكلنا لله وإليه راجعون !

إذن هل المالُ غاية أم وسيلة ؟ سؤال أحمق يعرفه كلُّ إنسان تميَّز بالعقل والحكمة ودماثة الخلق وكرم النفس, لكنَّ ظروف الواقع تفرضُ على الناس أشياء تكرهها, وأرى أنها التي وضعت نفسها في مأزق هذا, تحتاج قبل الغرق في أوحاله أن تنظم  نفسها وتُعد أبناءها إلى الحياة المستقيمة المتوازنة القائمة على أسس واضحة وحدود يعرفها الجميع .
وأنا الآن أفكر وقد عملت " وسع نفسي " في تحديد طريق أو مسار أمضي عليه بين إكمال التعليم ؟ أو الاستمرار في عمل لا يوفر أبسط المصروف ؟ أم أن أستمر في البحث الذي آمنتُ أنه غير مجدي ؟ ولا يتناسب مع الكرامة الإنسانية في أبسط حقوقها " الابتسامة صدقة ", هذه الخيارات كلها لا تنفعني الآن, لأنّ الوقود المادي لا يساعد ! " فكرتي " التي عملتُ عليها قرابة أعوام خمسة! وقد بدأت ملامحها تبصر النور متوقفة ! بل تحتاج إلى إعادة تأهيل وتمهيد " كما قلت الوقت لا يسمح ".

إذن ؟.. على الأقل أنا لن أهتم للمظاهر ولا يعنيني أن أعمل أيَّ شيء في سبيل المضي بالطريق الذي وهبه اللهُ لي, متوكلاً عليه, مؤمناً بقوله " ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق " وأنا قد أنجبت فكرة لن أقتلها إن شاء الله, مقتنعاً بها كلَّ الاقتناع " قد تكون حماقة, وقد أكون جاهلاً وقد أكون غبياً " لا يهم, المهم أني هنا لأجل هذا وإني " أحرص على ما ينفعني وأتوكل على الله ولن أعجز " ..

فيما ذكرت ليلة الاثنين هذه الموافقة لـ " 28-10-2012 " أنَّ معرفتي الاجتماعية محدودة ! قد لا تكون كذلك وإنما قصدي أني أقيم علاقاتي وفق إرادتي الحرة المتناسبة مع ذاتي دون اعتبار لأي عصبية عائلية, قبلية, جغرافية, مذهبية, أو أي شكل من أشكالها, وإنما أعتمد في ذلك على حرية الاختيار " فلينظر منكم من يخالل " والحمد لله لي صديق من كلِّ جانب وهناك جوانبُ لم أجدها بعد, آمل أن أعثر عليهم قريباً .. وأساس الصداقة يكون على انتفاء المنفعة المادية بالأصح ولا أقصد الشراكة العملية وهذه مشكلتي " إذ أفشلُ حتى الآن في إيجاد الصديق العامل " ووفقني الله بالأصدقاء العارفين والمثقفين والمدركين والمشاركين لي بكثير من الأفكار.. أهنئهم برابع أيام عيد الأضحى المبارك .. وأذكر نفسي : إن النساء إذا دخلن قرية أفسدنها وكذلك يفعل المالُ بينَ الأصدقاء ..
------
عديتي لكم هذا النشيد , وآمل أن يعجبكم .. " في أطهر أرض قلبي .. قد طافَ ولبى الله "
------
كنتُ أودُ نشر مدونات على حاسبي وقصص قصيرة هنا ولكن الوقت بي يضيق .. والمدونة تحتاج إلى ترتيب وتنظيم كذلك حياتي هذه وغرفتي ..

الاثنين، 1 أكتوبر 2012

اليوم الأخير ..!


اليوم الأخير ..!


هل بدا يوماً عادياً ؟ أم كان مملاً محبطاً كئيباً كالعادة ؟! والعادي والعادة يفترقان في يومنا هذا, إنه كالعشاء الأخير يوم قُتل النبي عيسى وما قتلوه أو صلبوه ؛ لكنهم عن دعواه قد نفروا وبدينه كفروا, أما جامعتي فقد آمنت وما نصرت أو انتصرت وذا يعفيها من سيل الاتهامات الذي أكنه لها في يومي الأخير !

أقول وأسأل وقد تمنيتُ في أواسط المرحلة الجامعية أن أرى أو أعرف أوأطلع على الطريقة التي ينظر فيها " الدكتور/ة " إلى أوراق الامتحانات وبأي طريقة يُمكنهم تصليحُها خاصة أن المواد الأدبية ترجع إلى النسبة في القياس والتقدير, وتُمنح الدرجات بناءً على حسن الخط وجمال التعبير! ؛ لكني والحمد لله رأيت وتعرفت على آلية لا أعرف حتى الآن تفسيراً لها أو تبرير !

ما يهم من مقالي هذا بيان صورة لم تخفى عني طيلة أربعة أعوام في جامعتي التي إليها أنحاز وبها أفتخر " الأزهر – غزة " ومن حرصي عليها واهتمامي بها أذكر ما حدث في اليوم الموافق لـ 25-9-2012 .. حيث كان فرصتي الأخيرة للتسجيل في حفل التخرج " فوج الهوية والانتماء " أي الفوج السادس عشر , ولقد حالفني الحظُّ كثيراً فيه حيث تمكنت أخيراً من التسجيل وتحققت أمنيتي بالتعرف على الآلية التي يرصد بها " الدكتور/ة " الدرجات .

بعدما تأخر الدكتور " فلان " بتصليح أوراق الامتحانات لمدة تزيد عن الشهر كاملاً إما بحجة السفر أو أنه لم يأتِ بعد ! هكذا كان يجيب مدير الكلية نيابة عنه, لم يكن هناك مجالٌ بعد أسبوع من المراجعات والانتظار العقيم إلا أن أجلس متربعاً في ساحة مبنى الكلية يائساً منها في اليوم الأخير للتسجيل وأقول لهم إنها الساعة الأخيرة, إنها الدرجة الأخيرة, تخرجي من الجامعة متوقفٌ عليها ولا ألمس إلا تعاطفاً من ذا الكريم وذاك, فذا يقول إنك غائبٌ يوم الامتحان ودفتر الحضور يثبت عكس ذلك ! ويبقى الأمر معلقاً حتى يجيء الدكتور ! إلى أن مرَّ بنا أحدهم  بدرجة " دكتور " ينظر لي متعجباً ويقول قم من جلستك هذه إنها عيبٌ عليك ولا يصح أن تجلس هكذا وهل تحسبُ نفسك في أي مكان وصوته يعلو كأن مصيبة حلت به ! فأجبت قائلاً أنا في جامعة والعيب من فعلكم يظهر ! لعلّي أخطأت ولكلينا عذرٌ صريح بعد مشادة قامت بنا لولا تدخل رجل كريم " أ. سمير العوضي " مدير قسم اللغة الإنجليزية في الجامعة حالت دون استدعاء الأمن الجامعي, استفسر عن أمري واتصل فوراً بالدكتور الذي مراراً أجل مجيئه وهو يقول غداً وغداً ؛ لكنه هنا توقف وقال أنا الآن آتٍ من البيت في مدة الساعة والنصف بعدما وضح له إلى أي حدٍ وصل الأمر بي وزميله الدكتور  ..

قيل رُبَّ ضارةٍ نافعة ! وأنا أقول ربَّ عقدةٍ تحلها مشكلة والحمد لله التزم الدكتور بموعده مع تأخير 15 دقيقة, لا يهم ما تأخر؛ لكنه جاء في النهاية وفتح درجَ مكتبه وأخذ يقلب دفاتر الإجابات وقلبي يتقلب ألف مرة مع كل دفتر, إنه هنا والحمد لله ! الثالث قبل الأخير, إذن أنا حاضر والإجابات هنا ! أينَ ذهبت الدرجة ؟! وكيف قيل إني غبت عن الامتحان ؟!, أعاد الدكتور تقليب الدفاتر مرة أخرى يقارنها بسجل الأسماء والحاضرين يوم الامتحان ! ؛ ليتبيّن أن خطئاً ما حصل وتبديلاً في الدرجات كان بيني وبين طالب غائب ! هو لم يتقدم للامتحان وينجح ! وأنا أغيب نيابة عنه في سجل العلامات ؟  كيف حدث ؟! كيف حدث ؟!

سألتها في نفسي وسألها الدكتور في تمتمات شفتيه, وقال انتظرني هنا وقضى وقتاً في مكتب عميد الكلية يُعد كتاباً بالخطأ الذي حصل وهو أمر ممتاز إدارياً وكان الأسهل طرقاً جانبية تؤدي لنتيجة ممتازة ومريحة ! لكنه اختار الطريق الصحيح رغم طوله ونوع المسئولية التي ستقع على عاتقه ! كفاه الله شرّ القتال . أنهى الدكتور كتابه للعميد وأمهلني يوماً واحداً لتبديل العلامات وتصويب الخطأ لأنَّ وقت الدوام الجامعي بدا أنه انتهى في تمام الثالثة عصراً متعهداً لي أن العميد قد توصى بهذه الورقة ولن يكون هناك أي إشكالية في تخرجي .

في اليوم التالي تعمدتُ المجيء للجامعة متأخراً كي تكون الإدارة أخذت وقتها الكافي لتعديل الدرجة حتى يتسنى لي التسجيل في حفل التخرج أو حتى الانتهاء من الساعات الجامعية ؛ لكنَّ هذا لم يحدث, فالعميد مشغول في مكتبه مجتمعاً بأعضاء اللجنة التحضيرية لحفل التخرج, ومدير مكتبه جالسٌ يجيبُ سؤالي أن الورقة في انتظار توقيع العميد, كما أنه قد طلب مني الانتظار خارج المكتب, الأمر الذي رفضته وما قبلت الخروج حتى جاء العميد بطلب من الآذن في مكتبه وبعد خذ وهات بلغة خشنة قال لي انتظر بالباب, لمدة نصف ساعة تقريباً والوفود داخلة إلى المكتب ومنه أخرى تخرج ومع الأخير منها يخرج العميد إلى موقع الاحتفال .

يبدو أنه وقّع الأوراق وبذلك أجاب مديرُ مكتبه ولكن كيف للأوراق أن تصل دون مراسل الكليات ؟ إذن أين مراسل الكلية ؟ هل سيجيء الآن ؟ متى سيجيء ؟ ومدير مكتب العميد ينفي بدون أي شعور بالمسئولية قد يجيء وقد لا يجيء اليوم ! وبدأت عملية البحث عن المراسل شاكراً صديقي إبراهيم أبو جميزة على مجهوده في عمليات البحث المتواصلة, والحمد لله رآه ودلّني على مكانه حيث كان عشرات الطلبة ينتظرون خروج عميد كلية التربية من مكتبه لطرح مشكلاتهم والمراسل منتظرٌ كذلك , لم يجب طلبي بالحضور الفوري إلى عمادتنا وأخذ يتنقل بين المكاتب ليشرب كاسة شاي هنا وسيجارة هناك ؛ كذلك بيّنت الأمر للدكتور " فلان " وقلت له إن الأمر سيطول على هذا الحال, فيقول لي " اذهب إلى آذن الكلية وخذ له علبة سجائر فتجد عنده الحل ", لم أصدق ما سمعت أبداً وطلبتُ منه على الهاتف توضيحاً " أتقول علبة سجائر للآذن ؟ " نعم علبة سجائر للآذن فيها حلٌّ المشكلة ..

لم يكن من بدٍ إلا الذهاب للآذن وبكل بساطة وأمام الحاضرين عنده قلت له ما نوع السجائر التي تدخنها ؟ فالدكتور " فلان " أوصاني بها إليك لتوصل ورقتي للدوائر المختصة في الجامعة ! بدا عليه الاحراج وعلّق أحدُ الحاضرين " إنها كلمة السر بينكما يا حسني ", ولم يبدِ الآذن أي ممانعة وقال لي انتظر هنا حتى يأتي مجلس الأمناء في اجتماع مع العميد نقدم القهوة لهم ومن ثم ننظر في أمرك .! وقلتُ في نفسي" إن الإنسان هو الإنسان " بعد سلوك الرفعة والأهمية الذي بدا به الآذن .!

وقد تخطت كلماتي الصفحة الثالثة ووجب عليَّ الاختصار ,  جاء الآذن ليأخذ ورقتي الخاصة إلا أن المراسل في نفس اللحظة كان يوقع على استلامها وبين طلب من هذا ورفض من ذاك, قررت المسئولية نفسها وسار الاثنان بطريق قانوني خوفاً من العقوبات, ومضيتُ مع المراسل مكتباً مكتباً وصوتي يرتفع بالنقد المصحوب بالتهكم أحيان كثيرة من الجامعة وإدارييها والأكاديميين فيها إلى أن انتهى الأمر بعد مشقة لا توصف وسفر لا قياس له أن تستبدل الدرجة حتى يتسنى لي إكمال إجراءات التخرج والحمد لله كان ذلك يسيراً ..

أتذكر موقفاً في مادة الإعلان وأتساءل كيف للدكتور أن يعطي نفس الدرجة 8/10 لاسطوانة قدمتُ فيها إعلاناً مكتوباً وآخر مصمماً ببرامج خاصة, ويعطي نفس الدرجة لصديق لي قدم له أمام أعيننا اسطوانة فارغة ! ويحرم صديقاً ثالثاً في نفس اللحظة من أي درجة كانت لأنه لم يقدم أي اسطوانة ! قل ساء ما كنتم به تحكمون !

في الخاتمة أقول إن حفل التخرج الرائع الذي قدمته جامعتي كان لائقاً بها لأنها لا تستحق إلا هذه المكانة رغم الانفلات الإداري الذي عانيناه في السنوات الدراسية الأربعة والترهل الأكاديمي الذي يشتكي منه قسمنا خاصة في الجامعة, وأضيف إن حفل التخرج هذا أدخل في قلبي سروراً وأملاً بأن الجامعة في طريق صحيح يرسمها أ.د. عبد الخالق الفرا وآمل من الله أن يوفقه لما فيه خيرها وصلاحها, وأسأل ماذا لو أخطأ الدكتور في الورقة وكتب راسباً بدلاً من غائب ؟! وحمداً لله أضحك من نفسي الآن وأقول لقد استطاعت الجامعة أن تشتريني ببدلة التخرج وحفلها الرائع هذا !