الاثنين، 24 ديسمبر 2012

أصلاً عادي .. شو هالنحس !


أصلاً عادي .. شو هالنحس !

مش عارف كيف أبدا, متأخر زي هاليوم ؟ متردد ؟ مش عارف شو بدي ؟ لأ بس أنا كنت عارف , هي مش زابطة معي , ما بدها تيجي مش عارف ليش ؟ بالعربي يلعن أبوها من شغلة !

والله ما بدي أكتب عن هاليوم , بس قطعة النت وحالة الملل الرهيب أو الكآبة بالوصف الصحيح اللي مش ملاقي لها سبب هي هيك , بالعادة إذا اجت الصبح بعد المغرب بيكون المزاج عالي , وإذا كان المزاج عال العال الصبح بيقلب نحس بالليل ! لكن هاليوم غير شكل ؟ من أوله بنقدر نقول نحس ! والدليل زي ما أنا شايف النت كل شوية بقطع لكن هالنحس مش راضي ينقطع لهلقيت ! مش هاد القصة والموضوع , لكن غصب عني صار لازم أحكي هاليوم شو صار بالتفصيل , بركي العلم بكرة يشوف له تفسير ؟ وأنا مؤمن بهالشيء إنه العلم قادر بفضل الله طبعا .

سيدي نفسه قاعد بيحكي لي قصة للمرة العاشرة ؟  لو حسبتهم كان طلعت المرة ال 30 بخصوص هالموضوع وهو بتعلق بالأرض , ما راح أنهبل واحكي عنه هان , بكفي اللي أنا فيه, بدي أحكي لسيدي هيك, بس مش زابطة معي برضو ! دخلنا بموضوع راحت واجت وقالت وقلنا وأنا بدي اختم إنه الحياة "  خريفة " زي ما أنا بأكتب هان برضو , هي خريفة فعلاً .

اصحيت الصبح ع العشرة ونص .. كانت صدمة بالنسبة لي ! ما بعرف ليش مع إنه مش في بالي أصحى أصلاً , وشعور بالتأخير كان لاحف مخي , وشوية وأقول لنفسي المشوار مش لازم النهار خلص ! المهم كان الأمر ضروري نوعاً ما وما بيصح تأجيله, وقررت أطلع من البيت قبل ما أطلع فاجأني موقف بنت أخي الصغيرة بتقول لي " الله يسهل عليك " لأول مرة أسمعها فكانت مفاجأة لي وضحكت منها لدرجة كل شوية أقول لها سلام يا غزل , فتروح تقولي الله يسهل عليك وتضحك ..

ونزلت ع الشارع بعد اتصال من صديقي ينتظرني بالقرب من دوار أنصار غرب غزة وأنا ساكن في الشرق, قلت له مسافة الطريق نص ساعة,  قضيت ربع ساعة بانتظار سيارة توصلني لموقف الشجاعية ! طبعاً بعد التأخير قلت والله منا طالع سيارة ومشيت ع رجلي منه صحة وتوفير J , وصلت الموقف وشاورت لسيارة واطلعت فيها, ورغم التأخير إلا إنه السواق كان شاطر كتير, معه راكب على منتزه برشلونة وآخر عند وزارة الأسرى وطالبة إلى الجامعة , كان بدو يمشي فينا لفة سريعة ويعمل دوارة معنا, لكن المشكلة كل الركاب مستعجلين ! المهم كنت آخرهم وصولاً والتقيت بصديقي بعد التعذير اللي طالني بسبب التأخير وإشارات المرور الحمرا, الراجل اللي بدنا اياه مكنش موجود واتصلنا ع جواله بيعطي مشغول ! ..

اجا النت ! صار لازم أمشي .. وين تمشي ؟! رسالة من أختي مطلوب تصميم عاجل لوسيلة جامعية, ااخ كم مرة قالت لي ؟ طيب بدي اخلص هان وأشوف التصميم إزا ضل عندي وقت أو حتى نفس إني أشتغل, كملنا مشوارنا ورحنا لشخص تاني كان في برنامج زياراتنا لكن للأسف هو الآخر لم يكن موجود ! وأختصر الآن وأكتب على عجلة !  قررنا الذهاب إلى مقر نقابة الصحافيين وهي الزيارة الأولى لها وقد حالفنا الحظ هذه المرة كي لا يخيب ظن النحس فكانت على الطابق الأخير وأخذنا نلهث من التعب حتى كان الباب مسكر ومحدش موجود ! ومحدش شخصية مشهورة كتيير .. الحمد لله النت فصل تاني .. خلينا نكمل, شكلي هأنام .. إزا حالفني الحظ بدري .. ركبنا سيارة وصديقي أعطى السواق 2 شيكل عن راكبين والسواق بعد ما مشي فينا يعني 200 متر اتفاجأ ورجع المصاري وقال لنا تفضلوا انزلوا , بطلت أشتغل !, هو مش طماع بس قال في باله 4 شيكل ولا بلاش ؟

, هو قال بلاش واحنا قلناها كمان وكملنا الطريق على رجلينا لأنه الموضوع مش مستاهل, بالعادة أنا بأصنع الكلمات والأحداث بس هاليوم تعفلني فعلاً بمعنى الكلمة , انتهينا من موضوع السواق وقررت أرجع ع الدار , يا سلام ! بدي أروّح أشيل هالبخت من راسي , وفعلاً في الطريق واحنا ماشيين اجا اتصال من مؤسسة بتأكد لنا موعد لدورة , صراحة ما سمعت نص الكلام لأنه الطريق دوشة وبدي أخلص اتصال الموظفة معي كيف مكان , اوك ماشي , كل اللي فهمته ع 8:30 في الميرنا هاوس أو المارينا هاوس , بالعربي مش متأكد من المعلومات اللي اسمعتها, ولما اوصلت الدار اتصل صديق آخر لي وهو الذي دعاني للتسجيل بهذه الدورة ! تفاجأت بأنه اسمه مش موجود ؟ يـاه ! حسن حظ هاد ؟ ولا سوء نوايا ؟ مش عارف بس أكيد لازم أزعل أو أتنازل أو مش زابطة معي فعلاً ..! كيف يعني ؟ نفس الورقة كتبنا ونفس المعلومات قدمنا وهم اتصلوا فيه وانا كنت مجرد زائر ؟ بأي حق يصير العكس ؟ كانت ضربة جامدة في مخي اللي مش مستوعب حاجة حتى الآن !

تحديث للنت , برضو مش جاي ! يلعن أبوها من شغلة , طيب أنا الثلاثاء والأربعاء والخميس عندي دورة , والخميس كمان دورة ! وكلهم فيهم وجبات غداء على ما أعتقد ؟ واجاني اتصال ما بعرف من وين لأنه وأنا ماشي برضو وجوالي مش بصحة جيدة بالمرة ومع صوت الطيط والطوط ما استوعبتش حاجة فطلبت منهم إيميل لتفاصيل أكثر وانا في انتظاره , المهم مضمون الحكي إنه في ندوة أو ورشة عمل في قرية النخيل بدير البلح ! والله عن نفسي أنا بدي أزورها واجت مناسبة لكن في وقت غير مناسب ! فيها وجبة غدا كمان !! الله أكبر  .. بس يا خسارة !

سيدي رجع لنفس الموضوع اللي حكاه قبل شوية , الأرض برضو , المهم ثلاث أيام داخلة في بعضها مع مجموعة وجبات في وقت واحد ! والله ما بتصير ؟

خلينا نكمل القصة, وبدي أختصر اكتر, رجعت الدار في كم شغلة لازم أعملهم وأكيد ما عملت فيهم شي ولا حاجة منهم كمان , حتى لما اجيت أتحدى نفسي وأعمل حاجة, اجت سيارة الكهربا للصيانة وقطعت الكهربا عن مربع شارعنا . يا حلاوة ! كان لي خاطر ساعتها امسك أي حاجة وأفش غلي فيها زي ما بيحكو , وما لقيت إلا الملح! بيحكو إنه بيرفع الضغط ؟ برضو بدون نتيجة .

حتى الآن أنهي التدوينة وبأفكر شو بدي أعمل , يبدو إنها الشيء الوحيد اللي زبط معي واقدرت أكمله, في نهاية الموضوع الحمد لله على كل الأحوال , وكلها والحمد لله جميل , وجمالها بهذا البيت الذي يلامس حالتي وقد نشره صديق لي عبر صفحته على الفيسبوك .. أختم بها :

أبحث أحياناً عن نفسي //كي أهرب من ظلمة يأسي
أمضى كالطيف فألقاها // تقترب قليلاً أعرفها
يختلط الأمر فلا أدري // هل أحيا يومي أم أمسي !؟        لـ " فاروق جويدة "

الخميس، 20 ديسمبر 2012

الموت الرحيم .. قصة قصيرة

الموت الرحيم ..

لقد كانَ يُدرك يومَ صرخ في رحمِ أمه أنَّ الأمرَ ليسَ هيناً غير ممكن, خارجٌ عن المألوف وهو العدم, هناك شيءٌ ما, يتساءل في نفسه ماذا كان ؟ وكيف أتيتُ إلى هنا ؟ ولماذا أنا ؟ هذي زخاتُ المطر تتساقط الآن ! كما كانت تتساقط على لوح الصفيح في هذي الغرفة التي وُلدْتُ بها قبلَ تسعين عاماً, يختلط صوتها الممزوج بضربات الزينقو مع صرخاتي التي لا أعرفُ إذا ما كانت ألماً أم أنها الإرادة المسلوبة ساعة الميلاد, وتلكَ النسوة كنَّ يزغردن بصوتهن الذي كان يصدح في باحة المنزل " ولد , ولد , ولد , كم أنتَ كريم يا الله " ويباركن لأمي وينهلن على أبي يطلبن منه العطايا والحَلَوانْ !

لقد كانَ أبي وحيداً لا إخوة له ولا أعمام ولم ينجب سوى أخي الأكبر وقد جئتُ بعده بعشرين سنة من أم ثانية وأخت ثالثة لزوجة ثالثة ! من كان يصدق أني سأعيش تسعين عاماً ؟ والكل كان يقول سيلحق بإخوته الثلاثة الذين أنجبتهم أمه وماتوا بعد أيام من ميلادهم , تلك الأيام وهؤلاء الإخوة الذين ماتوا كانوا سبباً بطلاق أمي وسبباً كي أعيش مشرداً بين منزل وشتات تتنوع فيه العذابات وتتلون معه الآهات ويزداد البأس كلما زاد بي السنُّ وتقدّم العمر وكبرت الحاجات والرغبات .

يومها لم أكن أفهم شيئاً ولا زلتُ كذلك غير مدرك لما هو أمامي ولا لما كانَ خلفي ! هذه التسعين عاماً لم تقدم فيَّ شيئاً ولم تؤخر, يا إلهي ! أينَ أين ؟ كلًّ الذين توقعوا هلاكي؟ والذين عاشوا بمثل سني كلهم قد ماتوا ! وها أنا موجودٌ على فراش الموت الذي يتجاهلني يوماً بعدَ آخر, عاجزٌ عن الحركة من أسر هذا السرير, يقيدني كسرٌ في قدمي وتكبلني هذه الأغطية رغم أنها تحميني من البرد, لعلِّي أفضلُ البردَ كلَّه على هذه القيود ! لعلَّ الحرية تستحق منا الاستغناء عن كلِّ شيء في سبيل الوجود !

تباً وألفُ تباً , هذه الحاجة تأتي على غير رغبة دوماً وبلا ميعاد, يا هذا, أنتم ؟ من هناك ؟ تعالَ يا هذا ! الحمد لله رغم أنك قد جئت متأخراً , ارفع عني هذه الثياب, ساعدني بقضاء الحاجة يرضى عنكَ الله, إنهُ العمرُ يا ولدي, كِبَرُ السنِّ يا بني, تلك العبرة من الحياة, لو كنتَ تعرف وغداً ستعرف كم هي الدنيا لعينة ! انظر لهذه الأرض واسألها كم مرة قلنا لها " اشتدي ما عليكِ قدِّي " وارقب حالنا الآن ! لا شيءَ سوى " خريفة " إنها مجرد قصة أرويها لكَ يا بُني !

قالَ جدي كلُّ هذا وأنا مرة غير مرة وحالي يتقلبُ بعدَ حال, أتساءل وأنا كثيرُ الأسئلة, لماذا ؟ لماذا ؟ لماذا ؟ هل أعيش مصيري مبكراً ؟ هل كُتب عليَّ أن أعيشه مرتين ! ثلاث ؟ الله أعلم ؟ . أكان هذا قدرُ البشرية جمعاء ؟ هل يكون في هذا تينٌ وزيتون ! وطور سنين ؟ ثمَّ رددناه أسفلَ سافلين ؟ وأجرٌ غير ممنون ! فليكن ما يكن, إنَّ اللهَ يكفِّر عني ذنوباً لستُ أعرفها, الحمد لله على كلِّ حال, إني إذ توكلت على الله مرة ومرة, تراجعني نفسي ألف مرة وتقول لي :كأنّك لا تعرف أنك مستخلفٌ على هذه الأرض, سيد قرارك مالك نفسك قادر على كلِّ شيء تحت أمرك, وإني على معرفة أن الله قسّم بيني وبين إرادته, لي ما شئتُ من أمري وله ما شاء منه , ولكن ما دامت إرادتي هنا حرة ! فلي أن أفكر وأن أقول وأفعل _ لكنّي على ثقة أن حروفي هنا خارجة عن إرادتي بعض الشيء _ كأن الإرادة الإلهية تشاركنا في كلِّ أمورنا وصراعنا مع النفس والشيطان ! هذه الحروف لم تسلم من وساوس أو رغبات في النفس, إني أعجز عن تحديد مصدرها ! فلا ميزان الخير والشر ينفع ولا مقياس الصواب والخطأ .. قل لي لماذا ؟ لماذا يبقيني اللهُ حياً هنا ؟ وهل أنا حيٌ فعلاً ؟ أم قبل ميلادي كانت الحياة ؟ من يدري إنها قد تكون بعد الموت كما كانت قبلَ الميلاد من لا شيء ؟ وإني أتوجه بسؤال كهذا وأنا عاجز حتى عن الإجابة لماذا أنا أكتب هنا ؟ ولماذا أتساءل من الأصل ؟

نادى جدي المتألم في فراشه, اذهبوا بي إلى المستشفى, أريدُ الطبيب, حالاً وإلا سأذهب بنفسي, يقول إنه سيذهب بنفسه ! ثم يطلب من أحدنا أن يلبسه ثياباً يخرج بها ولم يتحرك في فراشه, يعلو صراخه, فيهدأ بدواء مُسكّن, ثم يصر على الذهاب للمستشفى , إنها ليست المرة الأولى التي نذهب به إلى هناك, قبل عامين قال طبيب لطبيب آخر :" ألا ترى سنَّه ! زُق زُق " تلكَ الكلمة التي أثارت حنقاً بين أبناء عمي متسائلين هل يكون هذا طبيباً ؟ أم حانوتا ؟ إنه لا يستحق أياً من الصفتين ! رغم إساءة الطبيب في التعبير فقد كان قاصداً أنه لا مجالَ للعناية به أو حتى إعطائه درجة من الاهتمام, إنه يرى الموتَ أولى به ! جدي نفسه لا ينكر هذه الحقيقة, لعلّه يتمنى الموتَ أحياناً ويستعجله أحيانَ أخرى وغير ذلك فإنَّ جدي يتمتع بروح رهفة وشهية مفتوحة تسعدُ بالحياة, تراه مرة يطلب بسكويتاً أو تمراً وعصيراً أو كباب _ جدي مولع بالكباب مذ كانت زوجة أبيه تطعمه رملاً في فمه إذا ما نطق بالكلمة ذاتها .. كفٌ من الرمل مقابل كلمة " كباب " .

وأتساءل ألا يمكن للإنسان أن يضعَ حداً لعمره إذا طال ؟ تماماً مثلما يضع حداً لأي شيء ! ألا يكون الموتُ عادلاً للعاجزين حقاً واجباً لهم ؟ يريحهم من ألم الإعاقة ومشقة التفكير ؟ ؛ لكني أتراجع أمام هذه الفكرة التي قد تبدو منطقية؛ لأنَّ الرحمة ستكون غطاءاً للجريمة, ومن قال إن في الرحمة راحة ؟! ألا يكون الموتُ عذاباً لا ندركه ؟ ثم من الذي سيضمن الموتَ ما دمنا لا نضمن لأنفسنا الحياة ؟!
وبعد عامين تخللهما مجموع زيارات لعيادات وأطباء متخصصين كلهم قالوا: لا علاج ولا أمل !, أدهشتني هذه العبارة, لأول مرة أسمع " لا علاج ولا أمل " من لسان طبيب وأكثر ! في عادة الأمر يقولون " الله كريم, الأمل في وجه الله " هذه المرة لم يذكروا اللهَ حتى, أليس الله موجوداً هنا ؟ كما كانَ يوم ميلاد جدي والكلُّ كانَ يقول " سيلحق بإخوته الثلاث ويموت بعد يومين لا أكثر ! " لقد ماتوا جميعاً وعاشَ جدي رغم ذلك, كانوا يسخرون من مرضه ثم ماتوا ولم يمت !
-
15-12-2012 ..