اهدئي يا
امرأة ..
لعلِّي وما
غابت عن ذكري " لعلَّ "
تسايرني
أينما الفكر حلَّ ,
يحتاج
القول منا إلى دمعتين أحياناً, إحداهما تمضي مع الذكرى , والأخرى تماشي وقتنا
الحاضر , تطفئ حرقته اللهيبة وتضفي على قوله طيفاً من الصدق , لعلَّ _ كعادتها _
الصدقَ يكون لديه متسعٌ لأفكارنا, لعله لا مكان له هنا , لعلي في مقالتي هذه _
أصدق للمرة الأخيرة _ ولماذا أصدق ؟ هل في المسألة حساب ! وهل أنا أقول لغيري ؟! لعلَّي
أحسن فنَّ السؤال أكثر من التعليق ؟! وأكثر من التقرير غير أني _ لعلِّي مرة أخرى
_ أحاول أن أظهر شيئاً ! سأتجنب السؤال هنا ! سأعثر أكيداً على مخرج منه , لعلِّي كنتُ كثير
الأسئلة !.. في النهاية ما سأقوله ليس إلا احتفالية ذاتية أخص بها نفسي ومن رغب _
ليس مدعواً _ بالمشاركة فيها أو قراءتها ,
لا تثريب عليه في عامي الثاني والعشرين !
نبدأ
بالدعوة , هذه أسأت فهمهاً طوال سنوات, لم أعيها في الحقيقة ولا أعرف عنها الكثير
إلا أني رأيتُ من رأيتُ مدعواً كان أو لم يكن , في شتى مناسبات الدعوة ما إذا كانت
حزينة أو سعيدة , لا تعدو كونها مجاملة !
جارتي _ ولن أقول أمي _ مثلاً عادت ذات مرة وفي
الأمر عادة من بيت للعزاء ترثي للميتة وتدعو لها بالرحمة وتشفق على أهلها وذويها
من بعدها, كانت قريبة منها عزيزة عليها _ رحمها الله _ أنهت طقوسها الحزينة ثم أعدت
ثيابها ! وزينت نفسها واصطحبت من الرفيقات مجموعة وذهبوا إلى حفل زفاف ..! سألتها
فقالت لي: هكذا الدنيا !
كأني
ما أردتُ الحديث عن هذا ! لعلَّ الصدق دفعني إليه ؟ قلتُ أني سأحاول ألا أسال وفي
نفس الوقت أتمنى من ضيوف النص ألا يسألوني أنا , وإذا شاءوا فليسألوا أنفسهم !
ما
يهم أني لم أفهم ماذا تقصد بأن الدنيا هكذا , ولم أدرك أن الحياة فعلاً كذلك وأن
الأمر ليس غريباً عند أحدٍ سواي ! , أنا الذي ما صافحتُ امرأة قط ! إلا خالتي وقبل
ما لا يزيد عن عام ؟ أي مضت عشرون عاماً تقريباً وأنا لا زلت أرى من العيب أن تسلم
على خالتك في الطريق وحتى في المنزل ! رغم أني حديث الخلطة بأخوالي أيضاً _ أمي
تقول أني ما زرتهم في طفولتي قط إلا وعدتُ إما مريضاً أو جلست عندهم في صراخ مستمر
! _ وأبعدُ من ذلك ما أذكره بدقة يوم أن كانت عقوبة الطالب في مدرسة الوكالة
المختلطة ! أن يجلس الطالب المشاغب بجوار طالبة ! _ كانت تعادل عشرات الفلكات وذات
دواء ناجع _ ليس هذا فحسب , لطالما تحسست في صغري من الجلوس بجوار فتاة في
السيارة ! وأذكر مرة وأخي في طريقنا للمنزل ولم يزد عمري عن الخامسة, أوقف أخي
سيارة ودعاني لأجلس بينه وبين امرأة, لا أذكر منها إلا _ امرأة _ لا وجهاً رأيت
ولا اسماً عرفت ! وقامت الأرضُ ولم تقعد ! وانتهينا إلى سيارة أخرى ! لعلَّني كنتُ
أشعر بهذا القيد طفلاً ! ربما حاولتُ أن أستدركه صغيراً وأتجنبه ولو لمرحلة قصيرة !
هذا القيد الذي ما ينفك يشغلني بين فينة وأخرى ,
ولولا عقدتي القديمة ! ما انفككت عن مجالس النساء ولا عن التفكير فيهن ! إلى يومي
هذا _ رغم محاولات للتغيير _ أكره فكرتهن وذكرهن أمامي , أحاول غض الطرف عنهن ,
أحاول مواجهة الأمر بحزم وقوة ! أشغل نفسي إذا ما تحدث عنهن الأصدقاء , وأشركهم في
مواضيع أخرى ! وكنت تعاهدت وصديق لي ألا أتزوج مطلقاً في الابتدائية !_ وقتها كنتُ
قادراً على ذلك _ لعلَّّني ورثتُ من آدم
عقدة حواء ! وأحتمل ذنبها في يمين كتابي ! من أنا لأحمل ذنب واحدٍ وواحدة !
الآن
فهمتُ قولَ نيتشه " أواه كيف لا أحن إلى الأبدية وأنا أتوق شوقاً إلى خاتم
الزواج ", لكني في ذات الوقت أخجل من دمع أمي وكأني ابنُ ربيعة حين يعزف عن
الزواج ! كان يدرك في زواجه نوعاً من الأنانية ! ولعلي أدرك دموع الأم في فرحتها ! هي الأخرى تتذكر يومها
هذا , ويوم أنجبتني ويوم أنا هنا بين يدي امرأة أخرى , هنا تبدأ الدموع تنهمر لما
تتذكر أماً كانت لها , في التراب هي الآن ! هنا تبكي وتضحك من سخرية القدر , هنا
تنظر وتتمنى قول المعري فوق قبره " هذا ما جنيتُ على نفسي وما جنيت على أحدٍ
بعدي " !
آهٍ
.. كم من الأفكار دارت بذهني طيلة أعوام لم أشأها ! ولم يكن لي في ذاتها رغبة , كل
ما في الأمر أن شيئاً أُريدَ فكان ! نطفة تتحرك ووحي في المكان . لدي رغبة جامحة
وأنا أكتب أن أسأل ! لكني طيلة عشرين عاماً وأنا أسأل والكتاب يجيب , وأنا أسال
وصديقي يجيب وأنا أسأل وأخي يجيب وأنا أسأل وأمي تجيب وأنا أسأل وأسأل وأسال ..
لعلها عقدة السؤال عندي !
أصدقائي
_ وإن لم يكن سواي هنا _ هذي حروفي أخطها لنفسي ولنفسي أطيل , من شاء منكم أن يبقى
ومن شاء منكم فليغادر ..! لا تثريب عليكم اليوم , أنتم الطلقاء وأمهاتكم أحرار ..
تدوينتي
هذه أو قل مقالتي , ما شئتَ سميها , ما عدتُ أفرق بين عاريةٍ ذات مبادئ ولا منقبة
خضراء الدمن ! لا أهتم لمسمى هنا ولا للون هناك , كل شيء عندي متساوٍ , الحزب
الأخضر أخوه الأحمر وكلاهما أبناء عم , شيءٌُ واحد وبصدق أعتز بانتمائي له وهو
العادية , لا فرق بين قهوة وشاي , ولا حلو ولا مالح , ولا بين لقيط وشريف ! ولا
بين أي شيء , أفخر بعلياء وأنشد للقاعدة فكلاهما ثائر , لعلها عقدة التناقض !
والليلُ
يمضي والنهار على موعد يتقلبان وقلبي ذات اليمين وذات الشمال , حتى هذه العادية
التي انتميت إليها سنين عمري , باتت مهددة الآن بالتقلب أو الذوبان , هذه العادية
التي ما مميزت بين الطعام والطعام , والتي رأت في الخيرين خير وفي الأشرار خير , ما
عادت تلزمني الآن ! أي عادية حمقاء كنتُ أعيشها ؟ _ لن أسأل مرة أخرى _ هذا ابن
حلال وذاك ابن حرام , هذا مؤمن وذاك كافر _ آن لي أن أكون نفسي !
22.1.2012
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق